استخدامات الصوت فى الفيلم

استخدامات الصوت فى الفيلم

عادة ما يتم التقليل من أهمية الصوت فى الأفلام , حيث يميل المتفرج ، مثله كمثل حديثو العهد بصناعة الفيلم ، الى أخذ الصوت كأمر مسلم به ، أو انه ببساطة ذلك الصوت الذى يصاحب الصورة .
وفى الحقيقة أن صناعة الصوت فى الأفلام تمثل عنصر سينمائى مستقل ، حيث أنه يستطيع بمعزل عن الصورة ، توصيل المعنى المراد .
وللصوت استخدامات متعددة فى الفيلم :
1- توضيح الصورة :
تعتبر عملية توضيح الصورة فى الفيلم من أهم استخدمات الصوت . وقد يأخذ أشكالا متعددة : إما لتوضيح الشخصية , أو المكـان , أو الزمن أو المساحة . فمثلا تكون جودة الصوت ، ودقته ، مختلفة اذا ما كان مصدر الصوت قريبا ، وليس بعيدا .
كما يساعد الصوت على توضيح الصورة , قد يساعد أيضا على خلق حالة من الغموض والاثارة . وذلك حين لا يستطيع المتفرج أن يتعرف على مصدر الصوت .
3- خلق معنى جديد :
فى الأفلام الصامتة , يخلق المونتير المعنى من خلال تجميع الصور ، واللقطات ، فى تنظيم معين . ويكون للصوت هنا أهمية مضاعفة ، حيث أنه قد يضيف معانى جديدة للصورة ، من خلال علاقة الصوت بالصورة ، أو من خلال علاقته بالأصوات الأخرى . كما يمكن أيضا خلط الأصوات ببعضها لخلق معنى جديدا .
4- توجيه تفسيرات المتفرج :
يساعد الصوت على توجيه فهم ، وتفسيرات المتفرج للصورة . فلنتخيل مثلا لقطة لسيارة فارهة تسير فى الشارع , فإذا كان يصاحبها فى الخلفية موسيقى ذات رتم رسمى , سيستنتج المتفرج أن تلك السيارة قد تكون ذاهبة إلى اجتماع هام . أما إذا ما صاحبها موسيقى خفيفة فرحة , سيستنتج المتفرج أنها قد تكون فى اتجاهها إلى حفلة مثلا . وعلى الرغم من بساطة ذلك المثل , فنحن نرى كيف يمكن أن يؤثر ذلك على مستوى الوعى واللاوعى للمتفرج فى ذات الوقت .
للصوت ألية قوية ، وفعالة ، فى قدرتها على اثارة مختلف المشاعر ، من توقعات , وقلق ، أو احساس بالمفاجأة . فمثلا موسيقى ذات رتم يوحى بالخطر , توحى للمتفرج مباشرة أن هناك خطرا قد وقع ، أو على وشك الوقوع . ولا تحتاج الأصوات أن تكون ذات وضوح قوى ، حتى تبعث على المعنى .
6- توجيـه انتبـاه المتفـرج :
يستطيع الصوت أن يوجه انتباه المتفرج خلال الكادر ، تماما مثلما تفعل الاضاءة ، وتكوين الصورة . فمثلا يوجه صوت باب يفتح فى يمين الشاشة انتباه المتفرج الى ذلك الجانب من الكادر .
7- توسيـع الكـادر :
تقود الأصوات خارج الكادر المتفرج الى الاحساس بواقع ما لا يراه . يعمل ذلك الاحساس على توسيع حدود الكادر المرئى . عندها لا ينتهى العالم على الشاشة عند حدود هذا الكادر.
8-تخيـل الفعـل :
يستطيع الصوت بعث المتفرج على تخيل حدوث فعل ما خارج الكادر. فأحيانا يكون من الأفضل استخدام الصوت كبديل عن الفعل. فلو أننا رأينا رجلا سكرانا وهو يسير بصورة غير منتظمة، تعبر عن فقدانه للتوازن ، ثم يسير خارج الكادر، عندها نسمع صوت ارتطام سيارة ، هنا يستطيع المتفرج ادراك الفعل من خلال الصوت ، دون الحاجة لاظهار الصورة .
وأحيانا ما يستخدم الصوت كبديل عن الصورة لأسباب اقتصادية, فمثلا حين يكون تصوير مشهد ما مكلفا ماديا، مثل ارتطام طائرة , يكون من الأفضل اقتصاديا أن نستعمل مؤثرات صوتية ، تحمل صوت ارتطام طائرة. وأحيانا أيضا ما يكون الفعل فى الصورة بسيطا ، بحيث يمكن استخدام الصوت كبديل عنه ، مثل باب يُغلق بعنف , نستطيع هنا  أن نكتفى بصوت ارتطام الباب ، كبديل عن تصوير الباب نفسه .
علاقة الصوت بالصورة
دائما ما يؤثر الصوت فى المتفرج عاطفيا . فهو يستقبل وجدانيا ما يوحى به الصوت ، وليس عقليا . فهناك الكثير الذى يحدث على الشاشة ، ويصبح من الصعب على المتفرج التوقف ، والتفكير فى كل التفاصيل على المستوى العقلى . لذا يتدخل هنا الصوت مع الصورة بطرق مختلفة :
الصوت المتزامن والغير متزامن مع الصورة :
الصوت المتزامن مع الصورة هو الصادر عن مصدره الأصلى المرئى . فمثلا يكون صوت الممثل وهو يتكلم ، مصاحبا لصورته على الشاشة . أما الصوت الغير متزامن مع الصورة ، فهو الصوت الغير مصاحب لمصدره المرئى . فمثلا صوت ممثل وهو يتكلم ، مصاحبا لصورة الموضوع الذى يتكلم عنه ، هنا نسمع صوت الممثل ، ولا نراه فعليا .
وقد نظن أن الصوت المتزامن مع الصورة هو أقرب للواقع , ولكن فى الحقيقة العكس هو الصحيح . فمعظم الأصوات التى نسمعها فى حياتنا اليومية لا نرى مصادرها الأصلية . ففى المثال التالى يقوم شخصا بكتابة رسالة ، وفى خلال عملية الكتابة يستمع لكثير من الأصوات , مثل صوت السيارات المارة فى الشارع , أو صوت أقدام فى الحجرة العليا ، أو أصوات عند المدخل , ولكنه يظل مستمرا فى الكتابة . وتعتبر كل تلك الأصوات ، أصوات غير متزامنة مع صورها .
ويعمل الصوت الغير متزامن مع الصورة على اثارة المشاعر فى الممثلين ، والمتفرجين ، على السواء . ففى المثال السابق , لو أن صرخة حدثت فجأة , سيتعرض الممثل الذى يكتب الرسالة إلى نوع من الصدمة . وسيشعر بحالة من الغموض ، سببها عدم معرفة مصدر الصرخة : فهل مصدرها من الداخل ، أم من الخارج ؟ هل مصدرها أحد أفراد الأسرة ، أم أنه شخص غريب ؟ هنا ينظر الممثل الى الشباك ، ويحاول ان يسمع بتركيز , عندها يزداد التركيز على الأصوات الغير متزامنة مع مصدرها .
وعلى الرغم من انه فى المثل السابق لم يكن أى من الاصوات متزامنا مع مصدره , الا أن تلك الأصوات كانت لها قدرة عظيمة على اثارة مشاعر التوتر ، والتوقع لدى المتفرج . وتظهر امكانيات استخدام الأصوات الغير متزامنة مع مصادرها فى خلال مونتاج الصوت ، والتى تبدأ من لحظة تصميم المخرج للمشاهد .
الصوت المتطابق مع الصورة , والغير متطابق :  
الصوت المتطابق مع الصورة هو الذى يعطى نفس المعنى الذى تعطيه الصورة ، مما يعمل قليلا على تحديد خيال المتفرج ، نتيجة للاسهاب فى ايصال المعنى . أما الصوت المغاير للصورة ، فيعطى معنا مختلفا عن الذى تعطيه الصورة . فقد يعطى معنا جديدا ، أو حتى معاكسا للصورة ، مما يساعد على اثارة الخيال . فمثلا , اذا كانت الشخصية ذو طبيعة حزينة ومنعزلة , سيكون من المنطقى هنا استخدام موسيقى هادئة حزينة لتعبر عن مزاج الشخصية . ولكن قد يصبح التأثير أكثر قوة ، لو وضعنا موسيقى فرحة فى الخلفية ، اتية من حفلة عند الجيران ، لتعبر وتؤكد عزلة تلك الشخصية ، من خلال التباين فى الحالتين المزاجيتين . وقد نضيف أيضا أصوات مزاح ، أو ضحكات ، ليكتمل ذلك التباين فى الخلفية .
الصوت الحقيقى والتعليق :
الصوت الحقيقى هو الصادر عن العناصر الموجودة على الشاشة , ويسمعه الممثلون ، والمتفرجون . وهو الذى يحتوى على الحوار, والمؤثرات الصوتية المتزامنة مع الصورة . أما الصوت التعليقى ، فهو يُسمع فقط بواسطة المتفرج ، ويحتوى على موسيقى الخلفية ، والتعليق .
شكرا لك ولمرورك
screenmidea page contents