بداية فكرة الصور المتحركة

  1. بداية فكرة الصور المتحركة

  1. ما كاد الانجليزى بيتر مارك روجيت يعلن نظريته " خاصية إستمرارية الرؤية فى العين" فى سنة 1824 " والتى تقول أن العين تحتفظ بإنطباع عن الصورة بعد زوالها لمدة 1/10 ثانية . فإذا تم عرض سلسلة متتابعة من الصور الثابتة لحظيا ً وكان هناك إختلاف بسيط فى حركة الشخص أو الشىء المصور فى أى صورة عن الصورة التى قبلها فإن المتفرج يحس بأن الحركة متصلة وطبيعية , وذلك إذا تم اختيار السرعة المناسبة لتتابع الصور".... .حتى سار التقدم بخطوات سريعة ومباشرة نحو الصور المتحركة وعرض الصور ..
    وهنا بدأ العلماء فى أوروبا يضعون هذه النظرية موضع التجربة وكانت مخترعاتهم تشبه لعب الاطفال من اسطوانات دوارة إلى قطع نقود تلف حول نفسها إلى كتيبات تملأ بالصورصفحاتها وتقلب هذه الصفحات بالأصبع ...... إلا أن هذه اللعب لم يلبث أن أكدت بسرعة صدق فكرة روجيت وهى أن هناك خاصية غريبة فى عين الأنسان تجعل الصور تبقى جزءا بسيط من الثانية على شبكية العين أطول من الفترة التى ظهرت فيها هذه الصور فعلا أمام العين .
    - ثاوماتروب Thaumatrope
    فى سنة 1825 قام الباحث الفرنسى الدكتور باريس J.A.Paris بصنع أول لعبة تطبيقاً على نظرية خاصية إستمرارية الرؤية فى العين , عرفت بأسم " ثاوماتروب Thaumatrope " وهى تتكون من قرص دائرى من ورق كرتون سميك توضع على أحد سطحيه صورة لطائر , وعلى السطح الخلفى توضع صورة قفص من السلك . ويربط طرفا القرص بقطعتين من الدوبارة أو الأستك المطاط , وبشد الدوبارة أو الأستك من كلتا الجانبين يتم دوران القرص بسرعة تبعاً لذلك ويتكامل الرسمان اليدويان معاً وتبدو صورة واحدة للموضوعين , وليظهر وكأن الطائر محبوس داخل القفص .والتفسير العلمى لذلك هو تطبيق نظرية استمرارية الرؤية , فتتابع صورة العصفور بعد القفص فى الفترة الزمنية سالفة الذكر 1/10 من الثانية تجعلنا نحس بدخول العصفور فى القفص .


    - الفيناكسيسكوب Phenakisicope
    هو الجهاز الثانى المطبق لنظرية استمرارية الرؤية والذى إخترعه "بلاتى" عام 1832 ويتركب من قرص من الكرتون مثبت على خلفيته عمود , ورسم على محيطه الخارجى رسوم متتابعة لحركة حصان .. كما فرغ بمحيطه الداخلى فتحات طولية تواجه الرسوم .. وبإدارة القرص أمام المرآة يمكن للرائى أن يرى حركة جرى الحصان عن طريق الصورة المعكوسة من المرآة خلال الفتحات الطولية ...ويعتبر هذا الجهاز هو الأساس الأول للمتدربين بميكانكية السينما.
    وقد شاعت هذه الأجهزة تجاريا بين أفراد الشعب وتخصصت فيها أسواق معينة وانتشرت الرسوم المختلفة والشرائط التى ترضى المشترين ..وأقبل أفراد المجتمع عليها إقبالا منقطع النظير رغم إرتفاع أسعارها . وعلى الرغم من محاولة تطويرها إلا أن إنتاج الحركة لم يكن بدرجة وضوح كافية . مما جعل الباحيثين يبتكرون أجهزة أكثر إتقانا وحرفية ظهر لنا منها الزيتروب Zoetrope أو عجلة الحياة , وهى تعتبر من أهم الآلات التى تطبق نظرية استمرارية الرؤية .
    - الزيتروب Zoetrope
    فى عام 1833 إبتكره العالم الأنجليزى وليام جورج هورتر وأسماه Daedclum عجلة الشيطان لأن الصور الأولى التى كانت مرسومة على العجلة كانت صور الشيطان .... يتركب هذا الجهاز من أسطوانة قطرها نحو 30 سم به فتحات رأسية على حافته وفى داخله مجموعة صور إذا رآها الرائى والسلندر دائر ، بدت له متحركة , ولكن من الضرورى أن تكون كل صورة فى المجموعة ثابتة فى اللحظة التى تراها العين وأن يتوقف بصر المتفرج مؤقتا بينما تتحرك كل صورة بعيدا عن مدى نظره لتحتل الصورة التالية لها مكانا أمام عينه . ولهذا السبب توجد الفتحات فى لعبة الحياة " زيوتروب" . فبينما تدور اللعبة تمر الفتحات أمام عين المتفرج فتبدو من خلال كل فتحة الصورة المقابلة لها داخل الأسطوانة .أما إذا مرت مجموعة الصور فى هذه اللعبة بشكل مستمر أمام العين ( وهو ما يمكن أن يحدث إذا نظرنا إلى هذه الصور من فوق حافة الأسطوانة بدلا من النظر خلال الفتحات) فإن نتيجة ذلك هى أن يرى المتفرج مجرد صور غير واضحة تزغلل العين . ولكن عندما تتتابع أمام العين مجموعة متلاحقة من الصور الثابتة فإن خاصية أستمرارية الرؤية تحطم الحواجز بين هذه الصور وتخلق لدى المتفرج الإحساس لابإستمرارية الرؤية فحسب بل إنه عندما يرى هذه الصور التى تمثل مراحل متتابعة من حركة واحدة يتوهم أنه يرى الحركة نفسها وقد دبت فى الصور.
    - البراكسينوسكوب Praxinoscope
    أعتبر هذا الجهاز تطويرا للزيتروب فأعطانا صورة أدق فى وضوح حركتها وسهولة رؤيتها . وقد أخترعه إميل رينو" Emile Reynaud " وقدم فى المعرض العالمى بباريس عام 1876 ,وهو عبارة عن أسطوانة بداخلها إسطوانة مرآوية داخلية والأسطوانة الخارجية مزودة بشريط رسوم متتابعة كالمستعمل مع الزيتروب كحركة جرى الحصان مثلا . وعند إدارة الجهاز نرى تحرك الرسوم الثابتة منعكسة من الأسطوانة المرآوية الداخلية مكونة الحركة كاملة.
    مسرح البراكسينوسكوب Praxinoscope Theatre
    ثم طور " رينو" جهاز البراكسينوسكوب إلى مسرح البراكسينوسكوب عام 1879 وقصد من تطويره إضافة عمق للحركة المعروضة - بأن جعل الحصان يجرى فى ميدان أو شارع مثلا بدلا من دورانه على خلفية بيضاء أو سوداء ونفذ ذلك بوضعه لصورة مرسومة للعمق المطلوب فى الفتحة المقابلة للأسطوانة المرآوية .
    المسرح البصرى Optique Theatre
    أستمر "رينو" فى تجاربه وبحوثه فقدم لنا المسرح البصرى عام 1888 والذى أعتبر تطويراً لمسرح البراكسينوسكوب ومكون على نفس أسسه وكان الشريط المحتوى على الرسوم يركز عليه مصباح إضاءة , فتركزعدسة مقابلة لها على مرآة علوية لعكسها بدورها على الشاشة الكبيرة المقابلة. والجديد فى هذا الابتكار أنه وضع الخيط الأول للعرض على الشاشة أمام جمهور. وأُعتبر "رينو" لهذا التطوير مجدداً من الناحية العلمية لأستعماله لوحات كريستالية ذات ثقوب بدلا من الورق الذى كان مستعملا من قبل فى الرسوم .. هذا إلى جانب أنه أول من أدخل مقدمة ونهاية لفيلم كانت مرة عرضه حوالى 12دقيقة ومحتوياً على مجموعة من الرسوم تبلغ من 400 إلى 700 لوحة أعتبرت أول محاولة للمسرح المرسوم . وقد وجه الفرنسيون فى هذه الآونة نداء الى العالم ، ذكروا فيه أن الأساس الحقيقى للرسوم المتحركة هو فعلا لرينو وذلك لأن شخصياته كانت كلها رسوما وليست شخصيات آدمية . وحقق رينو بذلك عملا ضخما لم يصل إلى مستواه أحد ممن تبعه إذ خلق الشخصيات المرسومة وكأنها نفس بشرية . وأفتتح العرض الأول للمسرح البصرى فى 28 أكتوبر 1892 فى صالة " متحف جريفيين " بباريس وأعتبر بذلك أول عرض حقيقى .
    حتى هذه الفترة كانت جميع الأخترعات السابقة تستعمل الرسوم ، وهكذا كان الناس يتلمسون الطريق إلى السينما إلا ان هذا التلمس كان يتجه بصفة رئيسية نحو آلة العرض ، أما آلة التصوير السينمائية فكان لابد لها أن تنتظر لا التصوير الفوتوغرافى وحده ، بل الفيلم الفوتوغرافى كذلك .
     

    التصوير الفوتوغرافى :
    فى نفس الوقت تقريبا بدا التصوير الفوتوغرافى , ومن اوائل الصور المحددة التاريخ تلك التى صورها جوزيف نيبس Niepce ولويس داجيرDaguerre فى عام 1839 وهو العام الذى أخترع فيه عملية لإظهار الصورة الفوتوغرافية على لوح مغطى بمادة كيميائية . ومع أن الشخص الذى كان يجلس لالتقاط صورة من هذا النوع كان عليه أن يظل بلا حراك ثلاثون دقيقة إلى يتم ظهور الصورة على اللوحة إلا أن التحسينات التى أدخلت على العملية قللت من هذا الوقت .
    وقد كان من أحد العقبات التى صادفت هذا التطور صعوبة العثور على مادة الفوتوغرافية تسمح بتصوير عدد واف من الصور فى تتابع منتظم وبسرعة مناسبة. وهذا يعنى ان يتم التصوير بسرعة تبلغ أكثر من عشر صور فى الثانية ، وقد كانت المادة الفوتوغرافية العادية المستعملة فى ذلك الوقت هى الألواح الزجاجية , وعلى الرغم من أنه قد تم فعلا حينئذ صنع كاميرا واحدة تسمح بنزول مجموعة متلاحقة من اللوحات بسرعة خلف العدسة. إلا أنه كان من الواضح أن الزجاج مادة خشنة لاتتناسب مع هذا الغرض .وقد أجرى المخترع الإنجليزى فريزجرين بعض التجارب لإستخدام ورق مغطى بطبقة من الزيت , وفى 21 يونيه عام 1887 حصل على براءة إخترع مؤقتة لكاميرا سريعة الحركة تتغذى بشريط من " الورق أو أى مادة أخرى مناسبة " ومثقوب فى الوسط بين كادرات الصور لإمكان تحريكه وقد أمكن فى النهاية الوصول إلى حل وذلك بإستخدام شريط رفيع مرن من السيلولويد الشفاف المغطى بالمزيج الفوتوغرافى .
    واستمرت التعديلات والتطورات تتوالى لتسهيل عملية التصوير الفوتوغرافى إلى أن جاء جورج ايستمان ليعلن فى سنة 1888 إستعداده لتسويق الكاميرا المشهورة " كوداك" التى تضمن إعلان عنها هذه الكلمة المشهورة " أنت تضغط على الزر ، ونحن نقوم بالباقى " . وقد كانت الكاميرا معبأة بفيلم من الورق كافيا لتصوير100 صورة بيعت بخمسة وعشرين دولارا وقد كان من الضرورى أن ترسل الكاميرا بأكملها بعد التصوير إلى معامل السينما بأمريكا ، ليتم طبع وتحميض الفيلم تعمر بعدها الكاميرا بفيلم آخر بعشرة دولارات وترسل بدورها إلى مصورها .وهكذا إستبدلت الرسوم فى الأجهزة السابقة بالصورالفوتوغرافية.
    وفى عام 1872 خطر ببال " ليلاندستانفورد " حاكم ولاية كاليفورنيا أن التصوير الفوتوغرافى قد يكون الوسيلة التى تجعله يفوز برهان قدره 25000 دولار. فقد كان يراهن على أن الحصان وهو يجرى تأتى عليه لحظات تكون أرجله الأربع مرفوعة عن الارض فى وقت واحد . وعلى هذا أستعان بمصور فوتوغرافى من سان فرانسسكو أسمه " إدويرد مايبردج " ليلتقط صورا لسباق الخيل الذى يجرى فى بلدة " ساكرمنتور " . ولم تكن النتيجة مشجعة لأن الصور كانت مطموسة لا تحسم أى رهان ، إلا أن مايبردج أعاد الكرة بعد خمسة أعوام . وكان يساعده مهندس أسمه " جون أيزاكس " فنصحه بأن يضع على طول مجرى السباق مجموعة من أربع وعشرون آلة تصوير تبعد عدسة كل منها عن العدسة الأخرى مسافة قدم (30 سم) ,وبوسيلة كهربائية أستطاع أن يجعل آلات التصوير تلتقط صورا متتابعة واحدة بعد الأخرى بينما الحصان يجرى . وبذلك حصل على صور كانت من الوضوح بحيث أثبتت صحة دعوة ستانفورد .
     

    وفى عام 1879 منح مايبردج حق إختراع وسيلة وجهاز لتصوير الأجسام أثناء الحركة .وبعد أن تم الربط بين التصوير والعرض معا أصبحت المشكلة الكبيرة التالية هى صنع كاميرا تلتقط الصور بطريقة أسرع من آلة التصوير " الثابتة " العادية ، ولعل أول خطوة ناجحة فى هذا الإتجاه كانت فى فرنسا فى سنة 1882 عندما قام الدكتور أ.ج.مارى العالم الفسيولوجى المعروف الذى كان يدرس طبيعية الحركة بإختراع " بندقية فوتوغرافية " وهى بندقية تلتقط سلسلة من الصور على أسطوانة متحركة ركبت داخلها . والتى إستعملها فى دراسته وبحوثه لتسجيل حركات الطيور والإنسان.
    ولم يقف العالم مارى ومعه ديمينى Demeny عند البندقية الفوتوغرافية فواصلوا أبحاثهم حتى توصلوا إلى ( الكرونوتوجراف ) التى هى آلة السينما الحقيقية فى شكل علبة بها عدسة وذراع محرك ( مانيفلا) وشريط حساس يجرى بشكل متقطع . ولم يبحث هؤلاء المخترعون عن إعادة تكوين حركة الكائنات بقدر قيامهم بتحليل كيفية تحريك أعضائها فعدد الصور كان محدودا ولايتعدى حركة واحدة ومصورة على الفيلم . ولقد قيل أنه فى أحدى ليالى يناير سنة 1889 كاد ويليام فريز - جرين " William Friese -Gireene " الذى كرس حياته وثروته فى تجاربه على افلام المتحركة يجن فرحا عندما تمكن من عرض فيلمه الذى لم يستمر أكثر من عدة ثوانى على شرطى كان مارا فى الطريق . ويرجع إنفعال فريز جرين إلى غزوه للحركة أى إلى إمكانه إعادة تصوير رمز الحياة .

    المصدر:مدرسة السينما العربية 
شكرا لك ولمرورك
screenmidea page contents