توماس إديسون


توماس إديسون

لقد نسب لتوماس إديسون(1847-1931) فضل إختراع السينما , ولكن الأقرب إلى الدقة أن نقول أن إديسون قد نسق أفكار غيره من المخترعين ، فأهتدى فى معمله إلى تركيب كل من آلة التصوير السينمائى وآلة العرض السينمائى . فبعد تجارب عدة قام بها إديسون ومساعده ويليام كيندى لورى ديسكون أستمرت أكثر من عشر سنوات تم إختراع الفونوغراف ( الآلة التى تسجل وتدير الصوت على أسطوانات من الشمع ) فهو لم يكن يهتم على الإطلاق بأمر الصور المتحركة .
 
ولكن ولمحاولة تحسين الفونوغراف الذى إخترعه فقد خطرت له فكرة " أن فى الإمكان صنع جهاز يكون للعين بمثابة الفونوغراف للأذن وأنه بالجمع بين الأثنين يمكن تسجيل كل حركة وصوت ثم عرضهما فى وقت واحد " .وقد ذكر إديسون أنه أثناء عمله لم تكن تحده سوى حقيقة واحدة ألا وهى نظرية إستمرارية الرؤية . بل إن نواة فكرته جاءت من الزيتروب ومن أعمال مايبردج ومارى .وبما أن الهدف كان جعل الفونوغراف ذا عينين فقد تم صنع جهاز كان يبدو أنه يجمع بين كلا من الزويتروب وإسطوانة الفونوغراف , فقد كان أديسون يتمسك بأن" يخرج كل شئ من ثقب واحد " ، وكان هذا الجهاز عبارة عن سلندر- مطابق فى الحجم لسلندر الفونوغراف - يحتوى على صور فوتوغرافية . ويتم وضعه جنبا إلى جنب على نفس محور سلندر الفونوغراف الذى سجل عليه الصوت بحيث يكون مطابقاً قدر الإمكان للصور, إلا أن الصور جاءت أقل جودة من الصوت .
وبين سنتى 1885-1896 سجل المخترعون عدة براءات لإختراع الحركة المتقطعة ، وهو أنه يجب على الصورة أن تقف مدة وجيزة من الثانية أمام عين المتفرج , ثم عند الإنتقال إلى الصورة الثانية يقفل حاجب - أثناء دورانه - مرور الضوء . وهكذا أدخل ديكسون على الكاميرا وسيلة " التوقف ثم الإنطلاق " وألتقط بها صورا على ألواح من السليولويد الحساس وكانت الصور من الصغر بحيث سجل نحو مائتى صورة منها بترتيب حلزونى حول سلندر واحد .وهنا كان ديكسون قد قرر " أن الصور المتحركة تعتمد على ضوء يمر خلال الصورة ، سواء أكانت الصورة تعرض على شاشة أم يراها المتفرج رؤيه مباشرةً "
 
وهكذا وعندما كان يدار االسلندر كان هناك ترتيب لإضاءة كل صورة من الداخل . إلا أن تقوس السلندر جعل وسط كل صورة هو وحده الذى يرى بوضوح . وفى سنة 1889 كان عدد كبير من صانعى المواد الفوتوغرافية قد توصلوا إلى طريقة لوضع مادة دقيقة ذات حساسية للضوء على شرائح مرنة من السيلولويد وأصبحت هذه المادة تعرف فيما بعد بالفيلم وقد أشتقت كلمة الفيلم من كلمة " فيلمين Filmen" التى كانت تستخدم فى اللغة الأنجلو-ساكسونية كأسم للزبد الذى يتكون حينما يتم تسخين اللبن .
وهكذا تم العدول عن فكرة السلندر وبدلا من ذلك تم لصق ألواحا من السليولويد الحساس لتكون شريطاً واحداً عرضه نصف بوصة . ولكن ثبت فيما بعد أن هذه المساحة أضيق من اللازم فتم إستبدالها بشريط عرضه بوصة ونصف ليلتقط صورا عرضها بوصة ويترك مكانا للثقوب على طول حافة الجانبين.وهكذا كان إديسون أول من وضع ثقوب على أفلام 35 مللى بواقع أربعة ثقوب على جانبى الصورة الواحدة وهذه الثقوب مكنت أسنان آلة خاصة من الضغط على الشريط حتى يسير فى خط مستقيم أثناء تحريكه داخل الكاميرا .
.
كما أستطاع ديسكون حل المشكلة الميكانيكية المتعلقة بتحريك الفيلم داخل الكاميرا فأخترع نظام البكرة , ثم وبعد ذلك قام إديسون بالأشتراك مع أرمات باختراع حركه صليب مالطة وهى التى تساعد على توقف شريط الفيلم لحظة أمام فتحة آلة التصوير.
ولكن شريط ديسكون السيلولويد كان جامدا سهل الكسر . وفى نفس العام كان جورج إستيمان قد توصل إلى إختراع فيلم رقيق مرن لاينكسر وسرعان ما كان فيلم إستيمان يستعمل فى آلة تصوير إديسون التى كانت تسمى الكنتوجراف Kinetograph , والتى كانت تلتقط الصور مع تحريك الفيلم أفقيا . ولم تكن هذه الطريقة ناجحة فقرر ديسكون أن يصنع كاميرا أخرى يتحرك فيها الفيلم رأسيا . ومن نسخ النيجاتيف التى يتم تصويرها فى آلة الكنتوجراف والتى كانت تسجل 4 صور فى الثانية على شريط السيلولويد مثقوب الجانبين مقاس 35 مللى , كان يتم طبع نسخة أخرى توضع فى جهاز شبيه بالصندوق أرتفاعه 120 سم مع عرض وطول 60 سم ويحوى محركا كهربائيا يدور بالبطارية . وعندما يدور المحرك يسير الشريط فى فتحة بين مصباح كهربائى وحاجب العدسة وكان فى إستطاعة المتفرج إذا نظر من فتحة فى أعلى الصندوق أن يرى الصور على ضوء ومضات خاطفة تحت عدسة مكبرة . وكان هذا الجهاز الخاص بالرؤية يسمى الكنتوسكوب kinetoscope . ومع أن إديسون وديكسون قاموا بتصميم الكنتوجراف والكنتوسكوب ليتمكنوا من تسجيل وعرض الصور والصوت فى وقت واحد . إلا أن الصور التى كان مفروضا أن تكون شيئا ثانويا بالنسبة للفونوغراف أصبحت لها الأسبقية وقد كان إديسون ضد أن يشاهد أفلام الكنتوسكوب أكثر من متفرج واحد فى نفس الوقت . لأن ذلك فى رأيه كان سيقضى عليها تجاريا .
 
وهكذا ركز إديسون وديكسون جهودهم على تزويد أجهزة الكنتوسكوب بأفلام يستغرق عرضها دقيقة واحدة .وأول فيلم قام إديسون بتصويره هو لمساعده ديكسون وهو يعطس أو وهو يُحيى.
 
ولتصوير هذه الأفلام قام إديسون سنة 1893 بإنشاء بناء يبلغ تسعة أمتار طولا وسبعة أمتار ونصف عرضا , وقد تم تشييده بحيث يمكن فتح جزء من السقف فى الوسط ليسمح بدخول الضوء .وكان من الممكن التحكم فى أية زاوية يراد دخول ضوء الشمس فيها لأن البناء كله كان يتأرجح فوق مركز من الجرانيت على هيئة كوبرى هزاز طرفاه مستندان إلى قضبان حديدية ممتدة من الوسط . وكان البناء مكسوا من الخارج بأوراق من القار ومدهونا من الداخل باللون الأسود حتى يكون الممثلون فى غاية الوضوح . وقد أطلق دكسون على هذا البناء أسم " مسرح الكنتوجراف " ولكنه كان يعرف بأسم بلاك ماريا Black Maria وكان ذلك أول ستوديو سينمائى فى العالم
 
وقد تم أول عرض للكنتوسكوب على الجمهور فى 2 إبريل سنة 1896 ، ولم تكن أفلام إديسون الأولى التى كان يعرضها فى الكنتوسكوب إلا إمتداد لشرائط الزيتروب ذات الطابع المعاد . ولم تختلف عنها إلا لأنها كانت مصورة تصويرا فوتوغرافيا بدلا من أن تكون مرسومة باليد ولم تكن أفلاما عن الحياة . فقد أخرجها ديكسون فى " ستوديو بلاك ماريا " بدون أى ديكور سوى الأكسسوارلات اللازمة . فكان الممثل يؤدى دوره أمام حائط أسود . ومن أشهر أفلام إديسون " البروفيسور ساندو " الذى يعرض عضلاته : " والأنقاذ من الحريق " وكانت هذه الأفلام تستغرق فى عرضها 20 ثانية وتعرض لشخص واحد .
 
وهكذا نرى أنه لم تكد تمضى خمسون عاما على إعلان روجيت نظريته حتى تم الأعتراف بها ، بل وبدأ تطبيق مبادئها فى أكثر من صورة من صور الترفيه . فالحركة والتصوير الفوتوغرافى والعرض كان كل منها خطوة لاغنى عنها فى طريق ظهور السينما .
شكرا لك ولمرورك
screenmidea page contents