مشهد الفوتومونتاج
Photomontage Scene |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
كان المخرجون الروس الأوائل يستعملون إصطلاح (الفوتومونتاج) للتعبير عن (التركيب الخلاق) وما زال هذا الإصطلاح في فرنسا يعبر عن مجرد (وصل اللقطات) حتى الآن . الا أن أصطلاح (مشهد الفوتومونتاج) يدل على معنى مقصود ومحدد : إنه يعني مشهد تعبيري سريع لعدة لقطات منفصلة ، تتصل ببعضها بطريقة المزج أو المسح أوالأذدواج . وذلك للتعبير عن مرور فترات من الزمن , أو تغيير المكان , أو أي تغيير آخر. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وبينما كان
الروس يتخيلون أفلامهم في لقطات متقابلة معبرة، نجد أن مشهد الفوتومونتاج كما
هو مستعمل
حالياً يعتمد على التأثير المتزايد لمجموعة من اللقطات . وبينما كانت المشاهد
الروسية تعتمد على أن اللقطة أ تتباين مع اللقطة ب (ويؤدي تقابل اللقطات إلى فكرة جديدة) ثم تأتي اللقطة ج فتمحي هذا
التباين .. وهكذا ، نجد أن مشاهد الفوتومونتاج الحديثة تهدف إلى أن(اللقطة أ +
اللقطة ب + اللقطة ج + اللقطة ي) توحي عند مشاهدتها معاً إلى تغيير في
الأحداث (من أ إلى ي) . وحيث أن الغرض من وراء مشاهد الفوتومونتاج الحديثة هو التعبير
عن سلسلة من الحقائق تعبر عند مشاهدتها معاً عن حالة من التغيير ، لم تعد
هناك أهمية لتقابل اللقطات المنفردة ، التي أصبحت تضلل المتفرج .ولذا يحاول
المونتير التقليل من تأثيرها بوصلها بطريقة المزج . |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وهكذا نرى أن مشاهد الفوتومونتاج الحديثة في أغلب حالاتها ، هي عبارة عن مجرد طريقة لعرض سلسلة من الحقائق ضرورية لسير السيناريو إلا أن أهميتها العاطفية قليلة . وتستعمل لنقل الحقائق التي يصعب عرضها بالكامل ، والتي لا تستحق المعالجة التفصيلية بالرغم من أهميتها بالنسبة للفيلم . | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وغالباً ما تترك تفاصيل تركيب
مشاهد االفوتومونتاج إلى حين الإنتهاء من إنتاج الفيلم ، وحينئذ يتضح بالضبط مدى
الحاجة إليها. وغالباً ما يذكر كاتب السيناريو مثلاً : (مزج إلى لقطة
75: فوتومونتاج يوضح تأثير الاضراب العام في جميع أنحاء البلد) وإنها لمهمة
مونتير الفيلم أن يفكر فيما طلبه كاتب السيناريو , وأن يستعين
بلقطات مصورة خصيصاً ويجمعها في تسلسل متطور . وأهم ما يراعيه عند تركيب المشهد
هو جعله يبدو سريعاً ، بحيث لا تبقى أي لقطة على الشاشة أكثر مما يكفي المتفرج
لمعرفة ما تحويه ( لمزيد من
المعلومات أنظر) .
ويجب المحافظة على توازن موضوع اللقطات للتأكد من الحصول على التأثير المطلوب , والتركيز على ناحية واحدة من الموضوع
حتى لا يسبب
نتائج غير مطلوبة ويبعد المتفرج عن الموضوع الأصلى. وما على مونتير الفيلم بعد
تحديد اللقطات الرئيسية في المشهد إلا الحصول على تسلسل مريح .وقد يجد سهولة في
الترتيب بإستعمال المزج أو المسح أو الأذدواج.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ويجب أن يلتفت المونتير إلى نقطتين هامتين : | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
النقطة الاولى : أن مشهد الفوتومونتاج يعمل على مستوى من الحقيقة يختلف عن مستوى السرد القصصي المباشر . وإذا كانت مهمته أن يسد ثغرة معينة في القصة فيجب أن يتم بسرعة . وإذا طال اكثر من اللازم فإنه يتعارض مع الأقتناع بباقي القصة وبذا يفسد التأثير المقصود من ورائه . | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
النقطة الثانية : يجب تخيل مشهد الفوتومونتاج في مجموعه كوحدة واحدة . وغالباً ما تستعمل قطعة موسيقية مستمرة للربط بين مجموعة لقطاته , ولتوضيح إيقاع مرور الأحداث. أما إذا كان المونتاج رديئاً, حيث تتداخل فيه لقطات الحوار الواقعي مع اللقطات العامة المطبوعة فوق بعضها فإن ذلك يربك المتفرج. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ويتضح مما سبق ذكره إنه يجب الأقلال أيضاً من أستعمال مشاهد الفوتومونتاج التي تدعو إليها ضرورة توضيح التسلسل . فإن تقديم مشهد تعبيري سريع يتعارض مع صدق القصة قد يتطلب من المتفرج فجأة أن يرى القصة بطريقة مختلفة تماماً .ولهذا السبب قل الأقبال على عمل مشاهد الفوتومونتاج كرباط للتسلسل . وأصبح المخرجون في السنين الأخيرة يتجنبون بقدر الأمكان لقطات المونتاج الشائعة ، كسقوط أوراق الشجر أو صفحات نتائج الحائط أو عجلات القطار ، وأخذوا يحاولون التعبير عن الأنتقالات الضرورية بطريق أكثر اقتصاداً . فلا داعي للقطات طويلة للقطارات والعجلات والقضبان وما إلى ذلك للتعبير عن إنتقال شخص من مكان إلى آخر . ويكفي التلميح عن قرب إنتقال الشخص ، يليه مزج إلى لقطة عامة للجهة التي إنتقل إليها . وبالمثل فإن مرور الوقت ، الذي يعبر عنه كثيراً بتطاير اوراق نتيجة الحائط ؛ يكتفي حالياً بذكره ببساطة أثناء الحوار أو بأي لقطة إنتقالية أو بتغيير ملابس الشخصيات . | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وهناك مواقف درامية تتفق مع إستعمال مشاهد الفوتومونتاج ولا يمكن
التعبير عنها بالسرد العادي . ففى فيلم المواطن كين : وهو عن تاريخ حياة الصحفي المليونير تشارلز فوستر كين
(تمثيل أورسون ويلز) والذى يبدأ بوفاة كين حيث يرسل بعدها رئيس تحرير جريدة
سينمائية جميع مخبريه لمقابلة جميع أصدقاء كين الذين على
قيد الحياة . وهكذا ننتقل من مقابلة إلى آخرى ، وفي كل مرة نرى القصة التي تروي
للمخبر في صيغة (الرجوع إلى حوادث سابقة Flash Back) . ويمكننا في نهاية الفيلم الإحاطة
بكل حياة كين.والجزء المقتطف هنا رووى في
مقابلة جديديا ليلاند ( تمثيل جوزيف كوتن) أكبر أصدقاء كين سناً . وهو يروي قصة
زواج كين الأول من آميلي (تمثيل روث واريك) أبنة أخ رئيس الولايات المتحدة
الأمريكية . |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
يوضح هذا المشهد تطور العلاقة تدريجياً كما يرويه ليلاند عن حوادث سابقة من الزواج الأول لكين. وتنقل لنا اللقطات سوء العلاقة بين كين وزوجته كما ذكرها ليلاند. وتتصل الأجزاء المنفصلة ببعضها بشكل متطور ، بحيث يتكون منها جميعاً مشهد مستقل في حد ذاته . وكل جزء صغير منها له أهمية قليلة (مثل من 9 إلى 14) ، وإنما يكتسب المشهد أهميته خلال التطور التدريجي للأحداث من مظهر العاطفة المتبادلة إلى العداء السافر. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وهناك عدة نقط تستحق الأهتمام من الناحية الحرفية. من الواضح أن المقصود من هذه المجموعة هو أكثر من مجرد عرض سلسلة من الأحداث القصيرة ، لأن كل حدث منها يعتمد تماماً على الحدث السابق. وقد تم تركيب المشهد بحيث يبدو كوحدة واحدة. وعندما يحدث إنتقال من لقطة افطار إلى أخرى فإن الأنتقال يتم بأن تتحرك آلة التصوير أفقياً حركة سريعة جداً تنقلنا في كل مرة من كين إلى إميلي وهذا يختلف عن القطع العادى . وأهم من هذا أن كلمات اميلى تستمر خلال كل إنتقال وذلك للإيحاء بإزدياد التنافر بصفة مستمرة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولقد بذل المخرج جهداً كبيراً لتدبير الأنتقال السريع من جزء لآخر بمنتهى الدقة ، وأستعان في ذلك بكل الوسائل الممكنة . وقد عبر عن تغيير العلاقة خلال الحوار الذي يزداد أحكاماً وعداء كلما تقدم المشهد ، كما تزداد اللقطات قصراً للتعبير عن أن كين صار يحس بالملل وقت الأفطار. وتحدد الموسيقى جو كل موقف بمهارة بالرغم من أستمرارها ، وتحيط المشهد جميعه في أنغام منخفضة متباينة للإيحاء بجو الغضب المكتوم . وأخيراً فإن التمثيل يعبر بقدرة عن التحول التدريجي من الإعجاب إلى العداء. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
لقد ساعد الحوار ومعدل القطع والموسيقى والتمثيل (والملابس أيضاً) على تحديد العلاقة بالدقة في كل جزء من المشهد. ولقد أدت هذه الدقة إلى اقتصاد كبير. ( لاحظ مثلاً أن مرور الوقت بين كل إفطار وآخر قد ذكر بإشارة بسيطة : مجرد تحريك آلة التصوير بسرعة وعدم وضوح لمدة ثانية واحدة وتغيير في الملابس) . وهكذا تم التعبير بغاية الوضوح والتأكيد عن تغيير في علاقة تعتبر معقدة إلى أقصى حد في أقل من 200 قدم من الشريط النهائي. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وجاءت هذه الدقة في العرض نتيجة لفترة تحضير السيناريو. (واختيار الأفطار بالذات لكي يتخلله هذا الحوار يعتبر إلهاماً في حد ذاته). وترتيب الأجزاء المنفصلة والعلاقة بينها لم يأت عرضاً - كما هو الحال غالباً في المونتاج الذي لا يذكر بالتفصيل في السيناريو - ولكن هذا المشهد كان مذكوراً في السيناريو كوحدة كاملة منذ البداية. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولهذا المشهد تأثير درامي كبير يختلف عن مجرد مونتاج لغرض التسلسل . فقد أستعمل الفوتومونتاج هنا لأنه أكثر ملاءمة كطريقة للعرض. ولا يمكننا أن نتخيل طريقة أخرى لعرض التغيير التدريجي في العلاقة بين الشخصيتين بمثل هذا الأقتصاد. وكان لابد من وجود سبب درامي قوي لعرض المشهد بهذه الطريقة بالذات ، حتى بعد الأتفاق على عرضه في لمحات سريعة متتالية. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
وقد يعترض البعض بأن هذا المشهد قد بدا مفتعلاً في طريقة عرضه مما لا يؤدي إلى نفس اقناع السرد العادي , وقد يسري هذا الأعتراض إذا جاء المشهد وسط قصة سينمائية عادية التسلسل . ولكن هذا المشهد يعرض ضمن الرجوع إلى حوادث سابقة Flash Back كما يرويها ليلاند. ولقد سبق توضيح ان ليلاند يقدم لنا صورة ساخرة فيها تحيز شديد ، وكأنما نرى المشهد يشوبه بعض التحريف والتعديل . ومع ان المعالجة جاءت بطريقة كاريكاتيرية ، إلا أن الموقف يبرر هذا . وهناك سبب درامي لعرض الحوادث بهذه الطريقة المبسطة من الفوتومونتاج : فإن ليلاند يصف زواج كين في سلسلة من التعبيرات المبالغ فيها ، ونحن على أستعداد لتقبل كل هذا. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ولا نزاع في أن داخل كل فيلم لابد من وجود سبب درامي لكي يتقبل المتفرج أن يشاهد الأحداث بطريقة مختلفة غير واقعية. أي أن طريقة العرض يجب أن توافق المضمون الدرامي في كل حالة . ولا يكفي لتنفيذ مشهد الفوتومونتاج أن يكون العرض في لمحات سريعة للتعبير عن الموقف ، بل يلزم أن يطابق شكله مع المضمون الدرامي في كل موقف من المواقف . وإذا لم يتم التوافق بين الشكل والمضمون يصبح مشهد الفوتومونتاج ولو كان في أحسن حالاته طريقة كئيبة للتسسلسل ، ويكون عبارة عن مجموعة من الخدع السينمائية التي لا مبرر لها. |
التالي
المشاركةالتالية
المشاركةالتالية
السابق
المشاركة السابقة
المشاركة السابقة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء